تقرير حول ماساة وتداعيات
اعتصام مستخدمات و مستخدمي التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية يقترب من شهره السابع و خروقات للعديد من القوانين داخل هذه التعاضدية و صمت مريب للوزارتين الوصيتين على قطاع التعاضد
في يوم 18 دجنبر من هذا الشهر، سيقفل الاعتصام المفتوح الذي يخوضه 51 مستخدمة و مستخدم من التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، شهره السابع، مع إصرار المكتب المسير لهذه التعاضدية على عدم فتح الحوار مع النقابة الأكثر تمثيلية داخل القطاع و التي تمثل المعتصمين، من أجل فك نزاع الشغل الذي تسببت فيه إدارة التعاضدية العامة.كما ان وزارة التشغيل بقيت تماطل لحد الساعة في الدعوة الى انعقاد اللجن الوطنية للبحت والمصالحة مند اكثر من شهرين في حين ان مدونة الشغل تنص على انعقاد هده اللجنة الوطنية في اجل لايتعدى 48 ساعة من تاريخ رفع النزاع الجماعي للشغل الى اللجنة (المادة 558).
و مع طول مدة الاعتصام و الظروف التي يمر منها المعتصمات و المعتصمون داخل المعتصم و خارجه، بدأ يظهر جليا حدة المأساة الاجتماعية و الإنسانية التي يعيشها هؤلاء، و التي نذكر من بينها: الآثار السلبية على صحة المعتصمين بسبب البرد القارس داخل المعتصم و غياب الماء و الكهرباء بعد أن أمر رئيس المجلس الإداري لهذه التعاضدية بقطعهما، الحرمان من استعمال المراحيض ، الظروف الصعبة التي تمر منها النساء المعتصمات الحوامل و الخطر المحدق بصحة جنينهن ، إجهاض بعض النساء، منع دخول سيارة الإسعاف، حدوث حالات طلاق وسطهم، الإفراغ بالقوة من السكن الذي تم اقتناءه عن طريق القرض الرهني بسبب عدم قدرة المعتصم(ة) على تسديد أقساط القرض خصوصا بعد أن تم طرد المعتصمين بشكل تعسفي من عملهم و قطع كل تعويضاتهم، رفع دعاوي قضائية من طرف الأبناك بعد أن لم يعد باستطاعة المعتصمين تسديد أقساط الديون التي أخذوها من هذه الأبناك، الإصابة ببعض الأمراض المزمنة (من ضمنها داء السكري و ارتفاع الضغط الدموي)، الانهيار العصبي،سوء التغذية و اتساع هوة الفقر و الحرمان من أبسط شروط العيش الكريم، الاكتئاب، تلفيق تهمة تدمير المنشآت، و هي التهمة التي ألغتها النيابة العامة بالرباط….و أصبح من المحتمل أن تحدث فاجعة إن استمر الوضع على ما هو عليه.
ما هي الأسباب التي فجرت هذا النزاع؟
عند توليه رئاسة المجلس الإداري للتعاضدية العامة، في صيف سنة 2009 ، صرح الرئيس الحالي لهذا المجلس، بأن الكتلة الأجرية تتجاوز 55 في المائة من مجموع مصاريف التسيير. و أكد حينها بأن التعاضدية العامة تعرف "فائضا" يقدر ب 188 منصب شغل و بأن أغلبهم جاء عن طريق توظيفات "غير قانونية" ، يتحمل فيها المسؤولية الرئيس السابق. مع الإشارة إلى أن هؤلاء 188 مستخدم، هم متعاقدون. و تجدر الإشارة إلى أن بعض هؤلاء المتعاقدين قد تم توظيفهم سنة 1997 أي ثلاثة سنوات قبل أن يتم تعيين الفراع على رأس هذه التعاضدية. كما أن جل العقود تستوفي كامل الشروط القانونية، و هو ما يفند ادعاء الرئيس الحالي. و بعد فترة وجيزة، قامت إدارة التعاضدية العامة بطرد 55 مستخدما، بعد أن قيل بشكل مغلوط بأن عقد عملهم غير قانونية. إلا أنه عند مناقشة مشروع ميزانية 2010 ، في شهر أكتوبر 2009 ، أي بعد حوالي شهرين من التصريح الأول، صرح الجهاز المسير للتعاضدية ، بأنه هناك حاجة ل 210 منصب شغل (ضمنهم عدد كبير من حملة شهادة البكالوريا+5 ). فكيف تحول الفائض، في ظرف شهرين، إلى نقص في الوسائل البشرية؟؟؟. و تحولت نسبة الكتلة الأجرية من 55 في المائة إلى أقل من 30 في المائة من ميزانية التسيير. فكيف نفسر هذا التحول في الأرقام؟؟؟؟. و في تطور مفاجئ، قرر المكتب الإداري للتعاضدية العامة، إجراء امتحان مفتوح أمام مرشحين خارج التعاضدية بالإضافة إلى المتعاقدين ، من أجل التباري على 133 منصب شغل ( و هو العدد المتبقي من 188 منصب شغل، بعد أن تم طرد 55 من المتعاقدين ، كما تمت الإشارة إليه سابقا). و قد ووجه هذا القرار، برفض المتعاقدين، اجتياز هذا الامتحان، لكونه يخالف القانون. و معلوم أن هذه المجموعة من المتعاقدين (لهم أقدمية شغل داخل التعاضدية، تتراوح بين 6 و 13 سنة)، سبق لهم أن أجروا فترة تدريب داخل التعاضدية، أعقبوها باجتياز و بنجاح، امتحان كتابي و شفوي، أشرفت عليه "أنابيك". و قد أجري هذا الامتحان ، في بداية سنة 2007 . و تم التوقيع من طرف كل من الرئيس السابق للتعاضدية و أنابيك و المستخدم، على عقدة شغل، التزمت بموجبها ، إدارة التعاضدية على ترسيمهم بعد سنتين من التدريب. أي أنه كان من المفروض أن يتم ترسيمهم في بداية سنة 2009 . و بسبب تعنت الرئيس الحالي للمجلس الإداري للتعاضدية العامة، بفرض اجتياز المتعاقدين لهذا الامتحان التصفوي، على الرغم من أنهم سبق لهم أن اجتازوا نفس المباراة سنة 2007 ، قرر هؤلاء المتعاقدون الدخول في أشكال نضالية متعددة. بدأت بوقفات احتجاجية، بتأطير من النقابة الوطنية لمستخدمي التعاضدية العامة (الاتحاد المغربي للشغل)، لتنتهي بتنظيم اعتصام مفتوح منذ 18 مايو الأخير. و في الوقت الذي كان من المفروض، الاستجابة لمطالبهم المشروعة و على رأسها إلغاء تلك الامتحانات المخالفة للقانون و ترسيمهم بناء على عقد العمل التي تربطهم بالتعاضدية، قرر المكتب الإداري للتعاضدية العامة، بشكل تعسفي و في خرق سافر لمدونة الشغل، فسخ عقد عملهم، مما تسبب في تشريد 51 عائلة. مع الإشارة إلى أن باقي المتعاقدين الذين اجتازوا المباراة التي فرضت عليهم صيف هذه السنة، قد وقعوا على عقدة تضعهم في وضعية متدرب لفترة تدريب لمدة 6 أشهر مع تقهقر كبير في السلاليم التي كانت عندهم سابقا (من السلم 10 إلى السلم 8 أو 5 ). وهو ما يوضح بأن هذا الامتحان، كان فخا لضرب مكاسبهم السابقة.
الممثلون النقابيون التابعون للاتحاد المغربي للشغل، لم يسلموا هم الآخرون من التعرض للقمع و البطش و المس بكل حقوقهم المشروعة التي يضمنها القانون: الحرمان من الترقية، التنقيط السنوي الغير النزيه، الاقتطاع من الأجور بسبب الإضراب أو المشاركة في الوقفات الاحتجاجية، تقزيم منحهم السنوية، رفض إجراء الحوار النقابي معهم على الرغم من أن القانون يلزم المؤسسات بإجراء المفاوضات الجماعية و التوقيع على الاتفاقيات مع النقابات الأكثر تمثلية داخل القطاع ( علما بأن نقابة الاتحاد المغربي للشغل داخل التعاضدية العامة حصلت على 55 في المائة من التمثلية، وهي النقابة الوحيدة الأكثر تمثيلية داخل القطاع)، عدم احترام مقتضيات مدونة الشغل، عدم احترام القوانين التي توفر الحماية للممثلين النقابيين، التهديد بالطرد، الضغط النفسي،….و الحصيلة لا زالت مرشحة للارتفاع.
من جهة أخرى، لازالت السلطات الوصية على قطاع التعاضد (أي وزارتي التشغيل و المالية) متمادية في صمتها، رغم خطورة الوضع. مع العلم، أن ظهير 1963 المنظم للتعاضد، يسمح لهاتين الوزارتين، بمراقبة التدبير المالي و الإداري للتعاضدية، و مدى احترامها للمقتضيات القانونية. وزارة التشغيل تتحمل مسؤولية مراقبة التدبير الإداري. عدم احترام القانون و الخلل الكبير في التدبير الإداري و الاستبداد المستشري داخل التعاضدية العامة، يضع وزارة التشغيل في خانة الإخلال بالمسؤولية.
و على الهيئات الحقوقية و النقابية و الديمقراطية، التحرك لتفادي فاجعة داخل المعتصم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق