رشيد بوصيري
10 يناير 2011
منذ أكثر من عشرين يوما والاحتجاجات الشعبية لم تتوقف في تونس المكلومة، رغم تنكر الأحزاب السياسية للمَطالب العادلة والمشروعة لجموع المستضعفين، ورغم التهديد المُعلن من طرف هرم النظام التونسي الشمولي، ورغم تعنت الآلة القمعية التي حصدت لحد اليوم أكثر من 25 قتيلا من شباب وشيوخ الزيتونة؛ رغم كل ذلك يبدو أن التونسيين عازمون على المضي في انتفاضتهم حتى النهاية.
كيف يعقل أن تكون عربة للخضار فتيلا لاحتجاجات اجتماعية متنامية في بلد يأتي على رأس مؤشرات التنمية البشرية في المنطقة العربية وشمال إفريقيا؟ هل هي مجرد أحداث عابرة وتعود الأمور إلى نصابها، نصاب التزوير والاستبداد المؤذن بالخراب؟
رغم التهوين المحلي، والتعتيم الإقليمي، والتواطؤ الغربي، فإن قطار التحرر الشعبي قد انطلق، إلى وجهته المرسومة قدرا لهذه الأمة التي يُراد لها أن تقبع إلى الأبد في مستنقعات الجهل والفقر والتضليل عن سبيل الله القوي العزيز.
انطلق القطار منذ انتفاضة صفرو في 2007، إلى الرديف وسيدي إفني في 2008، إلى العيون وسيدي بوزيد في 2010، مرورا بتنغير وبُويْكِيدَارنْ ومليلية والحسيمة، وجل مُدن تونس والجزائر والمغرب مما تسلل من بين أصابع الرقابة الأمنية/الإعلامية.
كل المؤشرات تفضي إلى نتيجة واحدة، بداية تحول الوعي الشعبي من حالة الإحباط إلى الانخراط الواعي في مسيرة التحرر من قيود التزوير والاستبداد، وما هذه الأحداث إلا بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، بعير الخوف الذي عانت منه الأمة قرونا لتكتشف أنها خسرت كل شيء، ولم يبقى لها ما تخشى عليه.
إنها فقط مطالب اجتماعية وليست سياسية ! هكذا يُزوِر الاستبداد حقائق الواقع، اجتماعية أو سياسية، الأمر سيان في واقع الاستبداد، لأنه لا معنى اجتماعي لسياسة تنتج ظلما وفقرا وتهميشا وقتلا للكفاءات والأخلاق.
لا خوف على قطار التحرر لأنه أخذ يشق طريقه بإصرار، إنما الخوف من تحريف وجهته لتخدم مخططات من يصطادون في الماء العكر، أو من يخدمون أجندة أطراف خارجية أو داخلية، دخيلة عن آلام الشعب التواق للحرية والكرامة الإنسانية، حذار من الانجرار إلى الدائرة الخبيثة للعنف والعنف المضاد.
هنا مصدر المقالة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق