بقلم : رشيد بوصيري
من أساسات العمل النقابي، التي يتعرّف عليها المتأمل الحصيف، أن تكون النقابةُ حركةً يقظةً اتجاه كل ما من شأنه أن يغتصب حقوق الذين تُمثلهم. واليقظة تعنى تظافر ثلاث شروط ضرورية:
الوعي الفكري
: هو ”دِرع الحماية“ لصالح المنظمة النقابية، وهو يعني قوة الإدراك لأبعاد المسألة
الاجتماعية تربويا واقتصاديا وسياسيا وقانونيا؛
القوة الاقتراحية
: هي ”أرض المعركة“ التي تقف عليها كل منظمة نقابية، تحترم مناضليها والذين
تمثلهم، هي التي تُمَكّن من إيجاد حلول لمشاكلهم المستعصية. طبعا لا يمكن لمن ليس
له من الوعي والممارسة باعٌ، ولمن لمبادئه باعَ، إلا أن يكون قوة انبطاحية لا
أكثر؛
الإرادة النضالية
: هي ”السلاح المشروع“ الذي تمتلكه النقابة للدفاع عن مقاربتها الاجتماعية وقوتها
الاقتراحية وعن حقوق الذين تمثلهم. الارادة النضالية هي القوة والإصرار الدائم على
المقاومة والاقتحام. هي التعبئة الاستراتيجية والتهديد التكتيكي بالإضراب ثم
تنظيمه إن اقتضى الحال ذلك. تقول باطرونا العمال : ”أبغض الحلال إلى النقابات:
الإضراب“. ذهبت النضالات وتحول أبغض الحلال إلى العمال: النقابات !
إذن
هي ثلاثة شروط وجودية تُشكل الهوية الحركية ”للنقابية الأصيلة“، وهذه الهوية تشكلت
خلال قرون داخل مواقع الممارسة العمالية والمهنية حتى أصبحت حكمة انسانية.
وهي عندنا، نحن المغاربة، كما يعرف
الخاص والعام مفقودة منذ عقود طويلة. لا ليست مفقودة ذاتيا، بل هم يناضلون! بكل
شراسة ليبقى الوضع على ما هو عليه:
”لا“
يريدون لمناضليهم أن يفهموا اللعبة وقواعدها،
”لا“
يريدونهم أن يكتسبوا تجربة نقابية ليكونوا قوة اقتراحية،
”لا“
يريدون لنقاباتهم خطّا نضاليا ضاغطا على صناع القرار الحقيقيين.
هذه بالضبط هي لاءاتهم الثلاثة اتجاه
الشغيلة الخاضعة لنقابات الضبط الاجتماعي، وأما اتجاه المقاولة والادارة والدولة
فإن لاءاتهم تصبح نَـــعَمُ.
هناك استثناءات نادرة تؤكد القاعدة فقط ولا تنقضها. وإذا تأكد التشخيص أعلاه، وحيث لا يمكنهم الاستغناء عن التنظيم النقابي، فإن الأجراء -خاصة الشباب- سواء في القطاع الخاص والمؤسسات العمومية أو في الوظيفة العمومية ينتظرهم خطر داهم - في المستقبل القريب - إذا لم يبحثوا عن بدائل تُرجع للفعل النقابي درايته الواعية وقوته الاقتراحية واستعداده الدائم لانتزاع الحقوق المشروعة لحياة كريمة وسط الحيتان الهيشة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق